انتقلت مهنة السير وبيع الأقمشة من الأجداد إلى الأحفاد، مذ كان البرجاوي يحيك المنسوجات القطنية والحريرية على نوله الخشبي طوال عهود عديدة مضت.
ولما ازدهرت هذه المهنة، بعد الحرب العالمية الأولى، نشط البائع البرجاوي المتجول، فجعل لبضاعته أسواقاً في العديد من القرى والمدن اللبنانية والعربية المجاورة حيث كان يحمل حانوته على ظهره وكتفة، أو يسخر لذلك الدواب، بدءاً بعهد عربات الخيل وصولاً إلى عصر السيارات المستحدثة.
ولما غزت المنسوجات الأوروبية بلاد الشام، أصاب المنسوجات اللبنانية والبرجاوية الكساد، فاضطر الباعة إلى استبدالها بالبضائع المستوردة الأكثر جودة وإتقاناً، والاتجار بها، وراح يجوب الآفاق كسباً للرزق الحلال.
ولطالما جنى البرجاوي الأموال فابتنى له الدور واشترى الأراضي والأطيان، واتقى بها غائلة الزمان.
أما منذ الستينات، فقد آثر الآباء توجيه أبنائهم إلى ولوج ميادين العلم والوظيفة وسائر المهن، تمشياً مع متطلبات التطور في مختلف الميادين. لذا تراجع عدد الباعة من أبناء البلدة آخر هذا القرن قياساً على ما كان عليه في أواسطه.
ولقد اكتسب البائع البرجاوي – بفضل أسفاره – صفات حميدة، لذا تجده كريماً مضيافاً، ومقداماً صبوراً، ومحاوراً بارعاً ومساوماً حاذقاً، وحليماً متواضعاً، وباذخاً أنيقاً، ومتفائلاً يحب الحياة… فثقف الكثير من طبائع وعادات أهل البلاد التي جابها وعاش بين ظهرانيها سنوات طوالاً، وبات له في كل قرية ومدينة أكثر من بيت وصديق.