شارك رئيس بلدية برجا المهندس نشأت حمية، يوم الثلاثاء بتاريخ 30 تشرين الأول 2018، في ندوة تحت عنوان “بلديات 21: شفافية وفعالية”، عقدتها لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابية، بالتعاون مع مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط، في قاعة مكتبة المجلس النيابي في بيروت، تخللتها اطلاق تقرير المركز عن شفافية وفعالية العمل البلدي.
وحضر إلى جانب رئيس لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابية النائب سمير الجسر، السادة النواب: سامي فتفت، رولا الطبش جارودي، ديما جمالي، علي عسيران، بكر الحجيري، شامل روكز، عثمان علم الدين، علي عمار، نديم الجميل، زياد حواط، ياسين جابر، فادي سعد، الان عون وعدد من رؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية وفعاليات من المجتمع المدني.
حمية
وألقى حميّة أمام النواب والحاضرين كلمةً أكد فيها أنّ “البلدية هي إدارة محلية تمارس الصلاحيات المعطاة لها من القانون ضمن إطار أراضيها، وتتمتع بشخصية معنوية بإستقلالية مالية وبقدرة على إدارة مصالحها المحلية”، مشيراً إلى أن “البلديات ترتبط إرتباطاً وثيقاً بوصاية السلطة المركزية لأنها لا تتمتع سوى بإستقلالية محدودة”.
وأوضح حمية أنّ “العلاقة بين البلدية وسلطات الوصاية ووزارات الدولة، يشوبها الكثير من اللاوضوح والمزاجية في بعض الأحيان، كما أن وزارات الدولة لا تعير إهتماماً لطلبات البلديات مهما إتبعت من طرق”، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنّ “قانون البلديات الحالي حسب تجربتنا، يحدّ من قدرات البلدية على العمل وخصوصاً فيما خص كيفية الصرف وتحديداً قيمة العشرين مليون ليرة (والتي سمعنا ونسمع أنها ستعدل ) مما يجعل من البلدية سلطة عاجزة عن تنفيذ المشاريع الملفتة والمهمة ويقتصر عملها على تزفيت هنا وحائط هناك وشجرة ومقعد باطون وعامود إنارة وغيرها”.
وقال: “في الواقع، البلدية هي سلطة محلية مكبلة بشح مواردها وحرمانها من حقوقها ومكبلة بسلطات في بعض الأحيان تصدر تعاميم تخالف فيها القانون وتضع البلديات في مواجهة مع الناس وآخرها رخص الـ150 م2 ، “وهات فهم الناس أنه هيدا الموضوع مش قانوني وكم مشكل بدك تعمل مع اللي ما بدن يفهموا وهونيك المصيبة إذا حدا تهجم على البلدية أو رئيسها مين بده يحميه وما حدا يقلي القانون، لأن شفنا بعيوننا رؤساء بلديات تم الإعتداء عليهم”.
وتابع حمية: “أما إذا إضطرت البلدية أن تسلك المناقصات في المشاريع التي تفوق قيمتها الـ 20.000.000 ل.ل ، وهذا من المفروض أن يكون المسار الأصلح الذي يجب أن تسلكه البلدية حتى لا تضطر للتجزئة ،تعلق البلدية ومشاريعها بالروتين الإداري والمزاجية وعدم إحترام المهل القانونية وتبقى المعاملات تروح وتجي أشهر ويمكن سنوات “هيدا إذا ما ضاعت شي ورقة منها” .
وأردف: “إن الحديث عن المشاكل التي تعاني منها البلديات كثيرة ولكن ما يهمني أن أذكره هو العلاقة بين البلدية ووزارات الدولة بشكل عام والوزارات الخدماتية بشكل خاص. السؤال الذي يطرح نفسه هنا : أليس البلدية هي السلطة المسؤولة عن تأمين الخدمات للناس إما من مواردها وإما من خلال تأمين مشاريع تنفذها وزارات الدولة في كل بلدة وحيث تدعو الحاجة” .
ولفت حمية إلى أنّ “الناس تعتبر البلدية هي المسؤولة عن تأمين الماء والكهرباء والطرقات الرئيسية والفرعية والصرف الصحي والهاتف وغيرها من الخدمات اليومية التي هي حق من حقوق الناس، وبالتالي فإن البلدية هي الحافظة الحقيقية لكل مشاكل البلدة من كل النواحي وعلى وزارات الدولة أن تؤخذ بعين الإعتبار طلبات البلديات وتتعاطى معها بجدية “.
وتحدث حمية عن تجربة “بلدية برجا” مع الوزارات، فلفت إلى أنّ “الأخيرة لا تعير إهتماماً لطلبات البلديات مهما إتبعنا من طرق”، وقال:
– سلكنا طريق تقديم الكتب الرسمية من البلدية مباشرة إلى الوزارات المعنية ولكن دون جدوى .
– سلكنا طريق الزيارت الرسمية للوزارات ما حدا رد علينا هيدا إذا أعطونا موعد . سلكنا طريق تقديم طلبات حقوق الناس عن طريق القائمقام كونه من تمثل وزارات الدولة ،وخصوصاً عندما تشكلت اللجنة الوزارية برئاسة الوزير حاصباني كمان ما حد عبرنا .
– سلكنا طريق الواسطة النيابية والزعماء السياسيين فجأة ردوا علينا “ولو مش مثل ما بدن على قاعدة الكحل أحسن من العمى”.
وقال: “طيب عال نحنا يمكن الله موفقنا عنا نواب بيردوا علينا وتاركين يمكن التشريع ورايحين يطالبولنا بحقوقنا يمكن غيرنا ما عنده”.
وسأل حمية: “هل يجوز هذا ؟ هل البلدية حرف ناقص بالنسبة لكم أيها الوزراء ؟ لماذا هذا الإستخفاف؟ ، كيف لا يمكن أن تلبى طلبات البلدية؟ . بينما موظف في وزارتكم يلبى وتنفذ له الخدمات دون علم من البلدية الإ وقت التنفيذ” .
وتابع: “يطلبون دائماً من البلديات أن تتعاطى بشفافية فأهلاً وسهلاً نحن كتاب مفتوح”، وسأل: “من يحمي البلديات من عدم شفافية بعض الوزارات التي لا تعرف وفقاً لأي معيار تعمل على كامل مساحة الوطن فترى بلدات ومناطق غارقة بالخدمات وبلدات تستجدي حقوق مواطنيها. أين الشفافية عندما ينفذ مشروع في بلدتنا وتطلب البلدية دفتر الشروط مرة تلو المرة وبكتب رسمية لا تلبي وتجاوب حرام بكفي ضغط ،المتعهد أخذ المشروع بخسارة”.
وأضاف: “أين الشفافية عندما تتقدم بلدية لوزارة ما بكتاب فيضيع الكتاب أول مرة ويميع مرة أخرى ويحجب عنا نتيجته .أين الشفافية عندما تطلب البلدية من وزارة ما تنفيذ مشروع يخدم عدد كبير من الوحدات السكنية فلا يسمع لها بينما يلبي شخص يظنون أنه نافذ وينفذ له نفس المشروع بنفس الكلفة فقط، فقط لخدمته فقط لوحده”.
وعن دور المنظمات المانحة، أكّد حمية أنها “كفّت ووفت، عندما أتت لإنقاذ المجتمعات وتقديم بعض الخدمات لها نرى توجيه واضح لهذه المنظمات وخصوصاً عندما تأتي المنح من خلال الوزارات فتدخل المنح في زواريب الوزارات”.
ودعا حمية كل المنظمات المانحة إلى “عدم سلوك طريق الوزارات في تقديم المنح والخدمات، وإنما التوجه مباشرة إلى البلديات التي هي الوحيدة القادرة على تلبية هموم ومطالب الناس لأنها الأقرب لهم ولمشاكلهم”.
وختم قائلاً: “يبحثون عن الشفافية في البلديات، فليذهبوا ويفرضوا الشفافية على الوزارات التي تنفذ مشاريع كلفة أصغرها تفوق موازنات عدة بلديات”.
وخلال الجلسة، كانت كلمة للنائب الجسر الذي عرض المشاكل التي تعترض عمل البلديات وفي مقدمتها مسألة الجباية. واعتبر الجسر أنّ “الإشكاليتين الأساسيتين اللتين تعترضان البلديات هما التمويل والإدارة”، مؤكداً على أهمية “التوزيع السنوي للأموال على البلديات، حيث تكمن هذه الأهمية في اعطاء الفرصة للبلديات بالانفاق المستمر وبالقدرة على تنفيذ مشاريع ممتدة في الزمن وخاصة في البلديات الصغرى حيث لا قدرة للبلدية على صرف الأموال المجمعة عن سنوات الا بطريقة الهدر”.
وتحدث إلى جانب الجسر المدير التنفيذي لمركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط مروان معلوف الذي تحدث عن التقرير الذي أطلقه المركز، والذي شمل عشرين بلدية متنوعة الأحجام، وموزعة بين المحافظات اللبنانية، مرتكزاً على مقابلات مع رؤساء البلديات، كما تطرق التقرير أيضا إلى انطباع المجتمع المدني في كل بلدة.
وتوصل التقرير إلى أن كل البلديات التي تغطيها الدراسة تفتقر إلى الشفافية والانفتاح على مواطنيها حيث أن 90٪ منها لا تنشر قراراتها و 80٪ لا تنشر ميزانياتها. كما أظهرت الدراسة أن 40٪ من البلديات لديها علاقة سيئة للغاية مع السلطات المركزية.
وأظهرت الدراسة أيضا أن معظم البلديات تُعاني من تدني نسبة الجباية، ويعود ذلك الى عدم قيام المواطن بتسديد المستحقات المالية المتوجبة عليه أو جهله لمسألة الجباية. كما قد يعود السبب الى تقصير من جهة البلدية في تفعيل عملية الجباية أو خوف البلدية من أن يؤدي اللجوء إلى الأطر القانونية لحث أهالي البلدة على دفع الضرائب الى خلق مشاكل بين أبناء البلدة والمجلس البلدي. كما أظهرت الدراسة ان ممثلو المجتمع المدني أجمعوا على غياب رؤية اقتصادية وانمائية لدى البلديات وذلك، رغم وجود امكانات مادية.
وكانت أيضاً كلمة لرئيس بلدية عندقت عمر مسعود ورئيس بلدية دوريس شفيق شحادة، رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق شحادة، إلى جانب مداخلات للنواب: آلان عون، علي عسيران، علي عمار، بكر الحجيري، زياد حواط.
وبعدها فُتح باب النقاش بين الحضور حيثُ أدلى العديد من النواب ورؤساء وأعضاء البلديات و ممثلي المجتمع المدني رؤيتهم حول العمل البلدي في لبنان وكيفية تحسينه وتطويره، كما تم طرح العديد من الأسئلة في هذا الاطار.